تناولت الورقة المتغيرات الأمنية (الإقليمية والدولية) التي طرأت على منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، وأشارت الورقة الى تأثير هذه المتغيرات على مسار العلاقات بين السودان والمملكة العربية السعودية. تحدثت الورقة عن موقف السودان من حرب الخليج (الثانية)، الإرهاب، الخطر الإيراني، الحرب في اليمن، مع الإشارة الى امن البحر الأحمر واهميته وارتباطه بالأمن القومي لكل من السودان والمملكة العربية السعودية. انتهجت الورقة المنهج الوصفي التحليلي والتاريخي.. والمنهج القانوني وهو منهج يقصد به هنا دراسة المتغيرات في البيئة المحلية والإقليمية والدولية بما يتوائم مع طبيعة العلاقات الأمنية بين السودان والمملكة العربية السعودية. مصطلحات الدراسة : يورد الباحث جزء من المصطلحات وهى 1/ ( المتغيرات الأمنية Security variables ) والمتغيرات لغة هي اسم جمع لكلمة ( متغير ) والمتغير هو الذى يميل الى التنويع والاختلاف ، والمتغيرات المقصودة هنا كما يعرفها الدكتور/ مازن إسماعيل الرمضاني ، هي تلك المسببات أي الحوافز والدوافع المؤثرة في ادراك صناع القرار ، والدافعة بهم الى تبنى أنماط سلوكية محددة ، فصانع القرار لا يمكن النظر اليه بمعزل عن الظروف المحيطة به سواء ان كانت داخلية او خارجية وهو عرضة للتأثر بالظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تحدث ، اذن فالمتغيرات هي الأسباب المؤثرة في الموقف ، ومن هنا يمكن القول ان هذه المتغيرات هي التي تحدد السلوك السياسي الخارجي لهذه الدولة او تلك ، اما المتغيرات الأمنية فيعنى بها الباحث تلك الاحداث التي وقعت على الساحة الإقليمية والدولية وكان لها انعكاس مباشر على مسار العلاقات السودانية السعودية ، 2/ ( الامن القومي National Security ) حيث يعرف الامن بانه مجموعة من القوانين والتدابير التي يتبعها الانسان لتحقيق الحماية لنفسه وماله وممتلكاته او عرضه او شيء ثمين يخاف عليه ،ويعرف الامن القومي بانه قدرة الدولة على تأمين استمرار أساس قوتها الداخلية والخارجية العسكرية والاقتصادية لمواجهة الاخطار التي تهددها من الداخل والخارج وفى حالة الحرب والسلم ، 3/ ( الامن الإقليمي Regional Security ) ويعرف بانه تعبير عن سياسة مجموعة من الدول تنتمى الى إقليم واحد وتسعى من خلال وضع تنظيم وتعاون عسكري وامنى لدول ذلك الإقليم ، بمعنى انه نوع من التحالف بين دول الإقليم المعين لتنظيم الدفاع عن ذلك الإقليم من جانب وحماية الوضع القائم من جانب اخر . خرجت الورقة بعدد من النتائج أهمها : ان المتغيرات الأمنية ( الإقليمية والدولية ) لها انعكاسات وتأثيرات خطيرة على مسار العلاقات السودانية السعودية ، المواقف المتباينة للسودان نتيجة لتلك المتغيرات أدت في بعض الأحيان الى ردود فعل غير ودية من الجانب السعودي ، المتغيرات الأمنية التي طرأت على سماء المنطقة ليس بالضرورة ان تأثيرها سالبا على العلاقات بين البلدين بل يرتبط ذلك على الاغلب بتعامل السودان وما يتخذه من مواقف حيال هذا المتغير او ذاك ، دخل السودان في عزلة وتعرض للحصار وصدرت ضده قرارات من المجتمع الدولي بعضها تحت ( البند السابع ) نتيجة لسلوك الدولة السودانية حيال تلك المتغيرات ، في بعض الفترات وصل التوتر بين البلدين حد استخدام المملكة لسلاح العقوبات الاقتصادية ضد السودان ، تميزت السياسة الخارجية السودانية بعدم الثبات والاستقرار والتقلب من حليف لإيران وروسيا والصين الى حليف للولايات المتحدة الامريكية وحلفائها ومن بينهم ( المملكة العربية السعودية ) مما شكل خطرا في بعض الأحيان على الامن القومي السوداني . كذلك خرجت الورقة بعدد من التوصيات أهمها : الانتباه وإعطاء الأولوية لمسالة العلاقات الدولية ومعالجة التداعيات الخطيرة للسياسات التي كانت متبعة وإصلاح العطب الذى أصاب علاقات السودان الخارجية نتيجة لتلك السياسات ، التعامل مع المتغيرات الأمنية التي تطرأ على الساحة الإقليمية والدولية باحترافية وعلمية اكثر خاصة فيما يتعلق بالأمن القومي للبلدين ( السودان والمملكة العربية السعودية ) ، العمل على ان يكون موضوع امن البحر الأحمر وحمايته حاضرا عند كل لقاء وفى صلب العلاقة بين السودان والمملكة العربية السعودية لأهميته القصوى للأمن القومي لكلا البلدين ، التعامل بواقعية اكثر مع بعض المعطيات مثل التصدع في النظام الإقليمي العربي وظهور أمريكا كزعيمة تتصدر قيادة العالم مع الاحتفاظ بحق السيادة كاملا لكلا الدولتين ، محاربة أسباب ومسوغات الإرهاب ( من قبل حكومات البلدين ) والتعاون مع المجتمع الدولي بهذا الخصوص ، انتهاج سياسة تشير عمليا وبوضوح الى اعتبار ان أي مهدد للأمن القومي السعودي هو مهدد للأمن القومي السوداني والعكس صحيح .